كتاب صفحات من حضارة الإسلام العلوم التطبيقية دراسة في المعطيات وعوامل الازدهار والتوقف عماد الدين خليل PDF

يسعى هذا البحث – بالإيجاز المطلوب في صفحات كهذه- إلى وضع اليد
على الأصول الإسلامية لقدح زناد العقل وتحفيز الفعل الحضاري وتأكيد المنظور
العمراني للعالم» وهي أمور تقود بالضرورة إلى تزايد الاهتمام بالعلم التطبيقي
وتنامي الجهد الذي سيصل في نهاية الأمر إلى اختراع البارود وصناعة المدافع
وابتكار الساعات وبناء القبة الفلكية وتتفيذ محاولات عديدة في هندسة الري
والميكانيك والعثور على طريقة عملية لقراءة العميان» وتحويل الممارسة الطبية من
النظرية إلى التشريح» وإحداث تحويرات عديدة على كشوف اليونان ذات الطابع
النظري» وتحويلها إلى منجزات عملية؛ واكتشاف العدسات؛ وتحسين صناعة
الزجاج والورق وتكرير السكر ومعالجة المواد الأولية التي تساعد على تصنيع العديد
من المركبات الضرورية في الصناعات المختلفة» وتطوير أدوات وآليات التجارة
ووسائل النقل وتدوين المصنفات التخصصة لهذا العلم التطبيقي أو ذاك. . إلى
آخره مما سنؤشر على جوانب منه في هذه الصفحات .

هذا إلى أن المسلمين قدروا على فك الارتباط بين عدد من العلوم كالفلك
والكيمياء وبين جنوحها الخاطيء باتجاه الخرافة والتنجيم والسحر واللامعقول»
وتحويلها -بالتالي – إلى منهج علمي يستهدف الإفادة الفعلية الممكنة من كشوفها في
مقاصد الشريعة وتيسيرات الحياة. وتبدو هذه الرؤية العلمية -العملية أكثر ما تبدو
في موقف ابن خلدون في مقدمته من هذه المعضلة (فهذه الصناعة-أي التنجيم-
يزعم أصحابها أنهم يعرفون بها الكائنات في عالم العناصر قبل حدوثهاء من قبل
معرفة قوى الكواكب وتأثيرها فى المولدات العنصرية مفردة ومجتمعة»؛ فتكون
لذلك أوضاع الأفلاك والكواكب دالة على ما سيحدث من نوع من أنواع الكائنات
الكلية والشخصية””؛ وهو ينفي أن يكون الأنبياء عليهم السلام قد مارسوا هذا الاسلوب